هل تعرف طالبان؟!
الصورة من نافذتي قبيل الشروق - شيكاغو |
مواقفي الغريبة مع محطات النقل العام لا تنتهي، واليوم كنت واقفا في محطة ( آدم وديربون ) واكتشفت بعد أن طال وقوفي أن الباص الذي أريد قد مر من أمامي مرات عديدة وأنا جالس على كرسي الانتظار أنتظر السراب والمشرد القادم .. أتى - المشرد طبعا - تفوح منه رائحة لا يمكن وصفها، وطلبني سيجارة فاعتذرت منه، ويبدو أنه حين لم يجد ما يرجو مني أراد أن يتسلى بعض الوقت فسألني : هل تتحدث الإنجليزية؟ فقلت: نوعا ما.
فقال : هل تعرف طالبان؟ .. قلت له: من يكون هذا الشخص؟ متصنعا الجهل التام ومتجنبا نوعا من النقاش لا أعرف كيف سيكون مع شخص لا أدري إن كان في كامل قواه العقلية أو لا. إجابتي يبدو أنه كانت صادمة للرجل الذي كان يبحث عن شيء يتسلى عليه في فراغه، فملأني بنظرة متعجبة حائرة فيها قدر قليل جدا من العداء ثم سأل سؤالا أكثر ذكاء: هل أنت عربي؟ فأخترت أن أمعن أكثر في الجهل والغباء فقلت: من هؤلاء؟ ولغتي الإنجليزية ضعيفة جدا يا رجل! .. صمت وبقي يحوم حولي وأنا أحوم حول نفسي وحين لم يجد ما يرجو ذهب إلى حيث لم أعد أراه.
مرت لحظات ثم عاد ومر من أمامي مطرقا تفوح منه الرائحة القاسية تلك، على وجهه عناء السنين ، وإنحناء ظهره يخبرك بتتابع الأيام، ورائحته تنم على ضعف الإنسان وهشاشته أمام أبسط الأشياء .. تمنيت لو بيدي شيء يمكن أن أفعله أو أقدمه لهذا البناء الإنساني المتهالك أمامي وأمام العالم، لكن لا أدري كيف تكون العواقب، فانزويت على نفسي واخترت سبيلا أكثر سهولة وسلامة: طريق مالك وما للناس؟!. والطرق الأخرى محاطة بالأسيجة والحواجز التي لا تدري هل أنت تزيحها من الطريق أم أنها ستسقط على رأسك !
10-5-1436 شيكاغو
تعليقات
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا