لايمكن للشاعر أن يكون عاقلا
يبدو لي أن من يكتب الشعر يعيش بين اتجاهين في نفسه. الأول : اتجاه يتفاعل مع الأفكار والأحداث بطريقة منطقية عقلية . والثاني : يتفاعل مع الأحداث والأفكار بعاطفة عمياء ومبالغة كاذبة . وإن كان الناس كلهم كذلك إلى حد ما إلا أن هذين الاتجاهين أكثر وضوحا في الشاعر لقدرته على التعبير وإظهار ما اختار أن يظهره من نفسه . والشعراء بوعي أو بغير وعي قد ارتضوا من أنفسهم الاتجاه الثاني ، فأحدهم يسير في حياته يتلمس المعاني والأحداث ليكتب قصيدة ، ويستدر المواقف العابرة ليخرج منها بأبيات حزينة تبكيه وتبكي الناس ، وربما كان قادرا على أن يقف عند كل غمامة شعر تحوم فوق رأسه فينفحها بيده فتصبح مثل أمس الغابر فيرتاح من هم القصيدة ، ويرتضى العقل والمنطق . وفي تصوري الذي قد يكون مخطئا أن الدخول في الحالة الشعرية في بداية التجربة الشعرية هو أمر اختياري ، يظل الشاعر زمنا يبحث عن المعاني ، ويستحضر العواطف والأحزان والمأساة .. إلخ ، ثم تصبح عادة وهما ثقيلا لاينزاح إلا حين يلقيه عن ظهره قصيدة يقرأها الناس . وأقدر الشعراء على التخلي عن الاتجاه الأول في أنفسهم هم أكثر الشعراء قدرة على الانتاج والكتابة والكذب علينا وعلى أنفسهم :) .
وليس كل كذب قبيح .
تعليقات
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا