الأعرابي الأخير
معاذ الله ما سرقت
يميني بعض دينار ِ
ولم أكذب معاذ الله
في رأيي وأفكاري ..
ولم أزن ِ ولم أقتل
ولم أغتل ..
ولم أشرب - معاذ الله -
لم أسقيه سماري !
فهل تجتاحك الاوهام يا هذا ..
فتحسب أنني المسكين لم أسرق
ولم أقتل ولم أشرب
- معاذ الله -
سوف يظلني الشيطان ، يخدعني ..
لأسرق من بقايا الروم واليونان أشعاري ؟!
ألم تسمع مقال القوم :
" إن تسرق ، فخذ جملا ..
وخذ شيئا سيمحو إن رآك الناس
بعض معرة العار ِ " !
***
أنا العربي ،
شرقي كهذي الشمس
واضحة ...
كهذا الصبح مؤتلق ..
أناجيها ..
فتسعدني ،
لأني واضح كالشمس
مؤتلق كضوء الصبح ..
في جهري وإسراري !
فإن غربت ،
هجوت الليل والظلمات تسمعني ..
بلا غبش وتغشية
وأرفض كل تورية ..
لأني طاعن الظلمات ، قاتلها ..
وجاعل سرها علنا ..
وفاضح كل مكنونِ !
وماذا تصنع الظلمات في مثلي ؟
فلا سر أخبئه ولا شيء أذل به ِ ..
وسلها كي تعرفني ،
تقل في حسرة المغبون :
" قتلت صراحة الأعراب من زمن ..
ولكني إذا خاتلته أهوى ليوقد شعلة
النار ِ .. ! "
فيفضحني ويهتك كل أسراري .
****
أنا العربي لي لغتي ،
ولي جذر تاصل في صخور
الأرض في عز وإصرار ِ ..
ولي سبب تصعد في سماء
الله يعلو كل جبار ِ
إذاما حطموا زهري بوجه الأرض ،
واقتلعوا غضون الورد كيما يقتلوا
ثاري ..
تثور جذور أزهاري ،
وتنشق الصخور الصم عن نثري
وأشعاري ..
وتشتعل الغصون الخضر نيرانا
مؤججة ..
ويصبح مستقر الأرض زلزلة ،
تهز مضاجع الأشرار ،
تسقط كل مكار ِ !
**
يقول نزار في ولع :
لقد ماتت خيول الشام
تحت مذلة العار ِ ..
وظل الصرف والإعراب مزهو
بحلته ..
وظل النحو مختالا بخفض الحال ،
مسرورا بفتحته وضمته ..
فهل يدري نزار بأن
تلك الخيل ما ماتت ..
ولكن غيلة نحرت ؟
وأحلام العروبة في زمان العجم
قد " حرقت " ؟
وحتى الصرف والإعراب ،
في أسواقنا كسدت ؟
***
أتبصرني ؟
أتلمح في عيوني بعض أسراري ؟!
أنا العربي ،
لي فرس ولي ناقة ..
ولي حصن من الأغنام يؤويني
إذا عرتني الفاقة ..
ولي ثوبي ، ولي وجه تزيد
الشمس سمرته ..
ولي سدرة ،
لها ظل أقيل إليه ..
أغفو تحتها ، متوسدا صخرة ..
أتحسبني سأبدل بالصهيل العذب ،
هملجة البراذين ِ ..؟
وأنزع درعي الميمون ، أقذفه ..
وأرعى - مثلما يرعون -
أذناب الخنازير ِ ؟
سأحرق سدرتي يوما ،
وأقتل ظلي الغافي ؟
سأقذف تلكم الصخرة ؟!
****
وشعري ،
ليس تمثالا أعلقه
على داري !
ولا سحرا أخربشه ،
لأبهر بعض أتباعي وسماري !
أتسمع ؟!
إنه نار تحرقني ..
دموع ، آهة حرى تؤرقني ..
وشعري فكرتي ، روحي !
وإيمان تجذر في عروق القلب
أسقيه الدم الجاري ..
**
أنا وحدي ،
وشعر اليوم يقتلني ،
وهذا الراء سكين تقطعني ،
وهذا العين يشنقني
***
وما يعلو فضاء الشين أحجار ستسحقني !
أنا وحدي ،
سأجمع ما تفرق من دم
الأعراب ، أحسوه ليبعثني !
أنا وحدي وهذا العالم
المأفون يلعنني ..
وأحسو مر إيماني ،
ومر الصدق ، مر النبل
في زمن الشياطين ِ !
سأجمع ما تفرق من دم
الأعراب ، كي أبقى ..
وتبقى أحرفي ، خيلي ،
جذوري ، طيب أزهاري !
أبها - ١٤٣١ هـ
أبها - ١٤٣١ هـ
بكيت
ردحذفما ادري كم مره قرأتها لكن في كل مره اتأثر
ردحذف